خط أنابيب البصرة – العقبة: مشروع الأنابيب الخائن

المولف: أسد أميري كيان

المقدمة
نشأت فكرة خط الأنابيب هذا لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان العراق يبحث عن مسارات بديلة لتصدير نفطه. كان الدافع الأولي لذلك هو أن العديد من ناقلات النفط العراقية تعرضت للهجوم خلال الحرب التي استمرت ثماني سنوات بين عامي 1980 و1988. كان الهدف من مد أنابيب النفط إلى العقبة هو الالتفاف على مضيق هرمز الذي كان تحت سيطرة بلادنا، لكن المشروع لم يتحقق بسبب العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي الذي فُرض على العراق لاحقًا. تم إحياء المشروع في عام 2013 خلال فترة رئاسة نوري المالكي للوزراء (2006 إلى 2014)، لكنه لم يُنفذ بسبب المخاوف الأمنية وظهور تنظيم داعش في محافظة الأنبار. رحبت الحكومات العراقية اللاحقة برئاسة حيدر العبادي (2014 إلى 2018) وعادل عبد المهدي (2018 إلى 2020) بهذه الفكرة أيضًا، على الرغم من أن كليهما فشل في تنفيذ المشروع بشكل أساسي بسبب العوائق الاقتصادية.

معارضو مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة

في عام 2020، أعادت حكومة الكاظمي التخطيط لهذا المشروع بالتعاون مع الأردن ومصر في قمة ثلاثية للزعماء. واجه تنفيذ هذا المشروع في عهد حكومة مصطفى الكاظمي معارضة شديدة. اعتبر قيس الخزعلي، الأمين العام لعصائب أهل الحق، أن مد خط الأنابيب عامل لتغذية النظام الصهيوني. كما أن نوري المالكي، على الرغم من دعمه للمشروع في عام 2012 خلال زيارته للأردن كرئيس للوزراء، إلا أنه غير موقفه منذ ذلك الحين واتخذ الآن موقفًا متشددًا ضد خط الأنابيب هذا. وهو يؤكد أن الجهود في هذا الاتجاه تنتهك الدستور وطلب من المحكمة الاتحادية العليا وقفها.بالإضافة إلى المعارضة في الفضاء السياسي التي واجهت مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة في السنوات الماضية، فقد تم توجيه انتقادات للمشروع من وجهة نظر الخبراء والمتخصصين أيضًا، ويمكن رؤية مثال على ذلك في تفسيرات “حمزة الجواهري”، أحد خبراء النفط البارزين في العراق، الذي اعتبر هذا المشروع أحد أكثر المشاريع عديمة الفائدة للعراق والذي لا مبرر له من الناحية الاقتصادية والأمنية والسياسية. وأضاف الجواهري أن مشكلة المشروع هي أن الأردن سيمتلك الأنابيب والمصفاة التي سيتم بناؤها بأموال عراقية داخل الأردن؛ كما أن ملكية جزء من مشروع الأنابيب الموجود في مصر ستكون في أيدي المصريين. وتابع قائلاً إنه إذا تسرب النفط من الأنابيب لأي سبب أو تم كسره نتيجة لعمل إرهابي، فسيتعين على العراق أن يدفع للشركة المستثمرة بشكل طبيعي كما لو كان خط الأنابيب هذا نشطًا، وستقع جميع تكاليف هدر النفط على عاتق العراق. وبحسب قوله، سيتعين على العراق أيضًا أن يدفع للأردن ومصر 3 مليارات دولار سنويًا مقابل تكاليف نقل النفط عبر هذا الأنبوب، ومع كل هذا، لن تنفق أي من الدولتين مصر والأردن حتى دولارًا واحدًا في المشروع المذكور؛ ولكن بعد انتهاء مدة العقد، ستؤول ملكية الأنبوب بأكمله ومنشآته داخل الأردن ومصر إلى هاتين الدولتين. وأكد أنه لا يوجد مثل هذا المشروع بهذه الخصائص والالتزامات في أي مكان في العالم، مشيرًا إلى أنه من الناحية الاستراتيجية، يمر خط الأنابيب عبر مناطق غير آمنة مثل “وادي حوران” و”الصحراء الأردنية”. وأشار الجواهري إلى الإرهابيين الذين نقلتهم أمريكا إلى المنطقة قائلاً: “لا نعرف ماذا سيحدث بعد 20 أو 30 عامًا من الآن، ماذا سيفعل الأمريكيون الذين جلبوا الإرهاب إلى المنطقة في وادي حوران والصحراء الأردنية؟” وأضاف أن وادي حوران تحت سيطرة الأمريكيين ولا يمكن للطائرات العراقية التحليق في هذه المنطقة وتتوقف جميع أجهزة الاتصالات هناك عن العمل، لذا كيف نقبل بإنشاء خط أنابيب نفط في هذه المنطقة.وبحسب هذا الخبير النفطي العراقي البارز، فإن التبرير الوحيد الذي تملكه الحكومة العراقية لهذا الأنبوب هو أنه يفتح ممرًا جديدًا لتصدير النفط العراقي، في حين أن المشروع لا مبرر له سياسيًا أو أمنيًا أو اقتصاديًا. ونتيجة لهذه المعارضة، أعلنت وزارة النفط العراقية أنها علقت تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل النفط من البصرة إلى ميناء العقبة وأحالت القرار بشأنه إلى الحكومة القادمة.بعد قرار البرلمان العراقي بتعليق تنفيذ خط أنابيب البصرة – العقبة وما تبعه من تراجع المعارضة، يبدو أن حكومة محمد شياع السوداني قد استأنفت الجهود لإحياء الأنشطة المتعلقة بمشروع خط أنابيب البصرة – العقبة. تدعم حكومة شياع السوداني ضمنيًا مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة بما يتماشى مع المصالح الوطنية العراقية وتنويع مسارات نقل الطاقة، وتسعى لتنفيذه في أقرب وقت ممكن، حيث يمثل هذا الخط الأنابيب نوعًا جديدًا من المخرج لصادرات الطاقة العراقية، وخاصة النفط، وفرصة للعراق للوصول إلى أسواق أوروبية جديدة. خصص أعضاء البرلمان العراقي مؤخرًا مبلغًا يصل إلى 4.9 مليار دولار من ميزانية العام الحالي لإنشاء خط أنابيب من البصرة في أقصى جنوب العراق إلى مدينة حديثة في أقصى غرب البلاد، مما أثار جدلاً كبيرًا حول الجدوى الاقتصادية وأهدافه في هذا البلد؛ خاصة وأن البعض يتحدث عن تكلفته البالغة مليارات الدولارات.

الاستنتاجات
يعتقد المعارضون أن مشروع خط الأنابيب من البصرة إلى العقبة هو بداية الطريق لدفع العراق نحو تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني، ويعتقدون أن بعض الأحزاب والشخصيات السياسية والحكومية في بغداد تحاول منذ فترة طويلة جعل العراق يتماشى مع بعض الدول العربية في تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني، وأن مشروع خط أنابيب البصرة – العقبة هو أيضًا في هذا الاتجاه لنقل النفط العراقي إلى إسرائيل حتى تبدأ العلاقات الاقتصادية بين بغداد وإسرائيل. في النهاية، يبقى أن نرى ما سيؤول إليه مصير هذا المشروع في ظل المعارضة الواسعة داخل العراق.

اسکن کنید

بدون تعلیق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *