المولف: مسعود كيا
المقدمة
موضوع تغلغل النظام الصهيوني في العراق ليس جديدًا؛ بل كان موجودًا منذ عقود مضت واستمر منذ سنوات تأسيس هذا النظام الزائف وفقًا لعقيدة بن غوريون. اليوم، يسعى النظام الصهيوني علنًا إلى توسيع نفوذه من القنوات الأمنية والاستخباراتية إلى الساحة العامة والاجتماعية في العراق. لهذا الغرض، قام بتخطيط دقيق ورسم خرائط مشؤومة للعراق بوصفه مركزًا للتحديات السياسية والأمنية بين محور المقاومة والمحور العبري-الغربي-العربي. على أي حال، يجب على الجماعات والمجتمع العراقي عدم التغافل عن تغلغل النظام الصهيوني، لأن هذا التغلغل يحمل أبعادًا ونتائج مدمرة تدخل المجتمع العراقي، الذي خرج حديثًا من أزمة مكلفة كأزمة داعش، في مراحل أخرى من الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية.
الأوجه الاستراتيجية للتغلغل الإسرائيلي في العراق
أ) السياسية – الأمنية تتمثل الاستراتيجية السياسية والأمنية للنظام بشكل رئيسي في:
- التغلغل الأمني في المنظمات والمؤسسات ورجال السياسة المهمين في اتخاذ القرار في العراق.
- إنتاج وإعادة إنتاج الأزمات القومية مثل إعلان الدعم السياسي لاستقلال كردستان وما إلى ذلك.
- تعزيز العلاقات والتعاون الاستخباراتي بين جهاز الأمن الإسرائيلي (الموساد) وجهاز المخابرات في إقليم كردستان العراق (آسايش).
- تعزيز التيارات السياسية المتوافقة مع النظام.
في هذا السياق، يمكن التذكير بأن النظام الصهيوني هو أحد الداعمين الرئيسيين لتشكيل كردستان وتقسيم العراق، وفقًا “لعقيدة بن غوريون”. كما أن النظام قد قام بشراء الأراضي في شمال العراق. قبل فترة قصيرة، كشف الصحفي الأمريكي “وين مادسون” في تقرير أن إسرائيل تنفذ خطة جديدة في العراق تهدف إلى نقل السكان اليهود الكرد العراقيين المقيمين في الأراضي المحتلة إلى مدينة الموصل مركز محافظة نينوى والمناطق المحيطة بها. يتم نقل اليهود الكرد العراقيين المقيمين في الأراضي المحتلة تحت غطاء الرحلات السياحية والدينية إلى العراق وزيارة المعالم الأثرية والتاريخية وزيارة الأماكن الدينية اليهودية في هذا البلد. بناءً على الأدلة الموجودة، لدى النظام الصهيوني خطة محددة لتوسيع نفوذه في العراق من خلال نقل 90 ألف يهودي كردي مقيمين في الأراضي المحتلة إلى العراق.
ب) الثقافية – الإعلامية أحد الأهداف الأساسية للنظام الصهيوني للتغلغل في المجتمع العراقي هو التحول الثقافي وتغيير نمط حياة الشعب العراقي. تختلف درجة التغلغل الثقافي والإعلامي للنظام في البنية الديموغرافية العراقية تبعًا للتقسيمات القومية والدينية. في المناطق الشيعية، وبسبب هيمنة نمط الحياة التقليدية – الدينية، يكون التغلغل الثقافي قليلًا ويكون النظام مكروهًا بين غالبية التيارات السياسية والاجتماعية الشيعية في العراق. لكن في المناطق السنية وخاصة الكردية، تكون الأنشطة الثقافية الإسرائيلية ملحوظة. تشمل الأنشطة تحت غطاء المنظمات غير الحكومية، والقضايا الاجتماعية، والتركيز على العلاقات الثقافية ودور اليهود في تعزيز الثقافة والفن والموسيقى في العراق، وإقامة بعض الحفلات الموسيقية من قبل اليهود ذوي الأصول العربية في الأراضي المحتلة، والحضور القوي في الشبكات الاجتماعية وإنشاء صفحات افتراضية. على سبيل المثال، تشمل الأنشطة الافتراضية “إسرائيل باللهجة العراقية” على فيسبوك التي استهدفت المجتمع العراقي بشكل خاص في فترة ما، و”السفارة الإسرائيلية في بغداد”، و”إسرائيل والعراق يد واحدة”، و”إسرائيل في العراق”، وهي من الصفحات الافتراضية الهامة التي تعمل على جذب مختلف الفئات العراقية وخاصة الشباب من خلال إنتاج محتوى ذكي وهادف.
في هذا الصدد، فإن اختيار فيسبوك وتويتر بدلًا من المواقع الأخرى من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية ليس بلا سبب. لأن الشعب العراقي، على عكس معظم الشعوب العربية، يستخدم فيسبوك وتويتر أكثر من الشبكات الاجتماعية الأخرى. ومن المثير للاهتمام أن النظام الصهيوني قام حتى بصنع ألعاب خاصة للأطفال العراقيين التي يتم إدخالها من الأردن وتباع في مختلف المدن العراقية لتوسيع نفوذه.
ج) الاقتصادية والتجارية تشمل الاستثمارات في البنى التحتية الصناعية وفي المجالات النفطية في بعض المدن الشمالية من بين الأنشطة الاقتصادية الهامة للنظام الصهيوني الزائف لتوسيع نفوذه في العراق. يجب التأكيد على أن الأنشطة الاقتصادية للنظام الصهيوني في العراق تشمل بشكل رئيسي إقليم كردستان والمناطق الشمالية، والتي تتم هذه الأنشطة بشكل مباشر وغير مباشر من خلال بعض الشركات الأجنبية المستثمرة في العراق.
الخاتمة
إجراءات النظام الصهيوني للتغلغل في العراق بالنظر إلى الطبيعة الدينية-المذهبية والموقع الاستراتيجي الذي يحتله هذا البلد في قلب العلاقات الإقليمية، تتعارض بطبيعتها مع المصالح والأمن الوطني للعراق وكذلك جمهورية إيران الإسلامية ويمكن أن تترتب عليها النتائج التالية:
- إضفاء الشرعية على النظام الصهيوني من خلال التغلغل في العراق وتعميق العلاقات الأمنية والسياسية وخاصة مع كردستان العراق.
- تسهيل خروج النظام الصهيوني من الضغوط العربية-الإسلامية. النظام الصهيوني يسعى من خلال خطط مشؤومة مثل؛ اتفاقيات إبراهيم إلى التطبيع وإضفاء الشرعية على نفسه في العالم الإسلامي.
- دعم استقلال كردستان العراق بهدف خلق وإعادة إنتاج الأزمات القومية والمذهبية العميقة في العراق.
- إنشاء قواعد استخباراتية مثل؛ التنصت حول حدود إيران.
- خلق قيود على توسع الأنشطة الاقتصادية لإيران في العراق.
- تقليل نفوذ جمهورية إيران الإسلامية في العراق من خلال استراتيجيات الحرب الناعمة.
بدون تعلیق