استمرار الوجود العسكري الأمريكي في إقليم كردستان: النتائج والتداعيات

الكاتب: أسد أميري كيان

المقدمة

وفقًا لاتفاقية أُبرمت بين العراق والولايات المتحدة، ستقوم الأخيرة بسحب معظم قواتها من العراق خلال العامين المقبلين، بحلول نهاية عام 2026. لكن بناءً على خطة تفاوض عليها المسؤولون الأمريكيون والعراقيون، ستبقى بعض  من هذه القوات في إقليم كردستان. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الاتفاق الأولي بين واشنطن وبغداد حول كيفية بقاء القوات الأمريكية في العراق يشير إلى أن عدداً من الجنود سيبقون في إقليم كردستان. ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤول عسكري عراقي، من المتوقع أن تبقى بعض من القوات الأمريكية في إقليم كردستان. من جهته، أعلن ثابت العباسي، وزير الدفاع العراقي، أن البلدين توصلا إلى اتفاق يقضي بتحويل التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة، الذي أُسس قبل عقد لمحاربة داعش في العراق وسوريا، إلى شراكة أمنية دائمة. وبموجب ذلك، سيغادر حوالي 2500 جندي أمريكي متمركزين في العراق على مرحلتين. هذه الفترة الزمنية التي تمتد لعامين تمنح الولايات المتحدة فرصة لإجراء تغييرات في طريقة الانسحاب، خاصةً إذا حدثت اضطرابات في الوضع الاقليمي.

جهود الولايات المتحدة للحفاظ على قواتها في إقليم كردستان

مع بدء المفاوضات حول انسحاب التحالف من العراق، نشهد تطور العلاقات بين العراق وأعضاء التحالف الدولي إلى مستوى جديد، يركز على العلاقات الثنائية في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية. ذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤول دفاعي أن الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أكدا في بيان مشترك صدر قبل خمسة أشهر أنهما سيناقشان توقيت وكيفية إنهاء مهمة التحالف العالمي في العراق والتحول نحو شراكات أمنية ثنائية دائمة.

يرى المسؤولون الأمريكيون أن استمرار وجود القوات الأمريكية في العراق يكتسب أهمية مع تصاعد المواجهة بين النظام الصهيوني وإيران. ففي حال تصاعدت التوترات بين إيران والنظام الصهيوني، فإن وجود القوات الأمريكية في العراق يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في منع تصعيد الهجمات الإيرانية. كما أن الولايات المتحدة تأخذ في اعتبارها أهدافًا استراتيجية أوسع في مفاوضاتها مع العراق، حيث يرون أن الوجود الأمريكي في العراق يمكن أن يكون عاملًا معيقًا لنفوذ إيران، ليس فقط في العراق بل في المنطقة بأسرها. أصبح التحضير لمواجهة إيران موضوعًا مركزيًا في واشنطن، خاصةً مع تصاعد هجمات إيران وشركائها في محور المقاومة على القوات الأمريكية والإسرائيلية وعلى الشحن الدولي في إطار الصراع في غزة. كانت القوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة حيوية في صد الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل في أبريل الماضي.

بناءً على ذلك، اتفقت الولايات المتحدة والعراق على بقاء القوات الأمريكية وقوات التحالف الأخرى في أربيل، في إقليم كردستان، حتى نهاية عام 2026. وعلى المدى الطويل، قد يتمركز العديد من القوات الأمريكية في إقليم كردستان تحت سيطرة الأكراد. ومع ذلك، حتى لو انسحبت القوات الأمريكية من العراق العربي بأكمله، فإن بقاءها في المناطق الكردية سيشكل حاجزًا أمام الهجمات الموحدة من قوات المقاومة. نقطة أخرى هي أن بقاء القوات الأمريكية سيساعد رئيس الوزراء السوداني وحلفاءه في تحقيق هدفهم المتمثل في تحقيق توازن بين علاقات العراق مع واشنطن وطهران، مما يمنح العراق الفرصة للعب دور الوسيط بين إيران والولايات المتحدة.

قضايا مهمة أخرى بشأن بقاء القوات الأمريكية في إقليم كردستان

من القضايا المثيرة للجدل حول بقاء القوات الأمريكية في إقليم كردستان هو بيع الأسلحة من قبل الولايات المتحدة للإقليم بعيدًا عن أنظار الحكومة العراقية، وهو أمر يتعارض مع القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية. إن قرار الولايات المتحدة بتسليح قوات البيشمركة وبيع أسلحة دفاع جوي لهم يُعد انتهاكًا للقوانين الدولية، إذ لا يحق لأي جهة داخلية التعامل مباشرة مع الدول الأجنبية دون علم الحكومة المركزية وموافقتها. يجب على الحكومة العراقية أن تتخذ خطوات دبلوماسية لوقف مثل هذه التصرفات. تسليح إقليم كردستان يُعتبر تدخلًا في الشؤون الداخلية للعراق من قبل الولايات المتحدة. بشكل عام، يمكن القول إن التعامل المستقل للولايات المتحدة مع أربيل دون إشراك الحكومة المركزية العراقية يؤدي إلى تعميق الانقسامات الداخلية في العراق. بموافقتها على بيع أسلحة دفاع جوي لأربيل، انتهكت الولايات المتحدة سيادة العراق، وهذا الإجراء قد يؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد. النتيجة النهائية لوجود القوات الأمريكية في إقليم كردستان وبيع الأسلحة له هو تهديد استقلال العراق وأمنه الداخلي. إن تعاون الولايات المتحدة مع القوى المحلية دون إشراك الحكومة المركزية سيؤدي إلى تعميق الانقسامات الداخلية والصراعات في العراق.

الخاتمة

إن استمرار وجود القوات الأمريكية في إقليم كردستان له نتائج وتداعيات على العراق وجيرانه. فمن جهة، يؤدي وجود القوات الأمريكية في الإقليم وبيع الأسلحة لهم بدون علم الحكومة العراقية إلى تسليح جزء من البلاد وتعميق الانقسامات الداخلية، مما يترتب عليه عواقب سلبية للعراق بأكمله. ومن جهة أخرى، فإن استمرار وجود القوات الأمريكية في إقليم كردستان يعيق التنسيق والتوحيد بين قوى المقاومة في مواجهتها للنظام الصهيوني ودفاعها عن قضية غزة وفلسطين

اسکن کنید

بدون تعلیق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *