العراق ومجلس التعاون الخليجي

المولف: أسد أميري كيان

المقدمة
في مايو 2012، اجتمعت الدول الأعضاء في “مجلس التعاون الخليجي” في الرياض للتشاور والتباحث حول خطة الاتحاد لمواجهة الخطر الإيراني في المنطقة. وفي نفس العام، أعلن سعدون الدليمي وزير الدفاع العراقي أن بلاده ترغب في الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي. في عام 2018، دعت الدول الأعضاء في المجلس، وخاصة الكويت، العراق للانضمام إلى عضوية المجلس والدخول في الترتيبات الأمنية العربية المشتركة في الخليج. لكن العراقيين أعلنوا أنهم لا يريدون الإخلال بعلاقاتهم المتوازنة مع جيرانهم والالتزام بترتيبات أمنية معينة. يعتقد المحللون أن العراق يريد الاكتفاء بتطوير علاقاته مع مجلس التعاون الخليجي لإعادة بناء اقتصاده وبنيته التحتية، لكن السعوديين والإماراتيين يريدون ضم العراق إلى عضوية المجلس وإلزامه بالتزاماته الأمنية.

التطور في العلاقات ومجالات التعاون

تأسس مجلس التعاون الخليجي في أعقاب الثورة الإيرانية وبداية الحرب الإيرانية العراقية في 25 مايو 1981 بإصرار من المملكة العربية السعودية وتحت ضغط الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة. الدول الأعضاء في هذا المجلس هي: المملكة العربية السعودية، مملكة البحرين، دولة الكويت، الإمارات العربية المتحدة، سلطنة عمان ودولة قطر؛ وبالتالي، فإن المجلس هو في المقام الأول نادٍ سياسي للحفاظ على الاستقرار السياسي في المنطقة والأمن الداخلي لكل من الدول العربية الست الأعضاء فيه.بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية في 20 أغسطس 1988، وبمبادرة من صدام حسين، شكلت الأردن واليمن الشمالي والعراق ومصر منظمة باسم “مجلس التعاون العربي” في منافسة مع مجلس التعاون الخليجي. كانت السمة البارزة لهذا المجلس هي العداء للمملكة العربية السعودية. ولكن عندما غزا الجيش العراقي الكويت في هجوم خاطف في أوائل أغسطس 1990، وقفت الدول الأعضاء في “مجلس التعاون العربي” في 10 أغسطس لدعم الكويت وانضمت إلى التحالف الدولي لطرد القوات العراقية من الكويت. مع هزيمة صدام حسين وتحرير الكويت في نهاية فبراير 1991، انهار “مجلس التعاون العربي” وحتى اليمن، أحد أعضائه، سعى للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي.في السنوات الأخيرة، ومع انتهاء الحرب الأهلية العراقية الثانية ثم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفرض عقوبات جديدة على إيران، أدرك القادة العراقيون أنه يجب عليهم إعادة النظر في سياساتهم الإقليمية. في عام 2018، دعت الدول الأعضاء في “مجلس التعاون الخليجي”، وخاصة الكويت، العراق للانضمام إلى عضوية المجلس والدخول في الترتيبات الأمنية العربية المشتركة في الخليج. لكن العراقيين أخبروهم أنهم لا يريدون الإخلال بعلاقاتهم المتوازنة مع جيرانهم والالتزام بترتيبات أمنية معينة. منذ ذلك التاريخ، بدأ العراق حوارًا استراتيجيًا مع دول مجلس التعاون الخليجي في أوائل عام 2018، وكان الهدف منه تحسين علاقات العراق مع كل دولة عضو في المجلس وتطوير التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاستثمارية والثقافية. في أبريل 2019، زار عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي، الرياض بدعوة من الملك سلمان والتقى بالمسؤولين السعوديين. وقع خلال تلك الزيارة 13 وثيقة ومذكرة تفاهم مع الحكومة السعودية، وقال إن العراق يريد أن يكون نشطًا في محيطه العربي والإسلامي مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع دول المنطقة.إحدى الفرص ومجالات التعاون للعراق فيما يتعلق بمجلس التعاون الخليجي هي المشاركة في مشروع ربط الكهرباء لدول الخليج. يتم تنفيذ هذا المشروع في ضوء التوقعات بانخفاض نمو الطلب على الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي حتى عام 2025. كما يفتح الباب أمام دول المنطقة لتصدير الفائض مثل الدول العربية الأخرى مثل سوريا واليمن ولبنان وحتى مصر والسودان. في هذا السياق، يعد الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج أحد الحلول التي تتبعها بغداد لمواجهة مشاكل قطاع الكهرباء والانقطاعات المتكررة لأسباب مختلفة. يجب ملاحظة أن الغاز المستورد من إيران يعد مصدرًا مهمًا في إنتاج الكهرباء في العراق.في إطار أنشطة مؤتمر الكهرباء العراقي لعام 2019، وقعت وزارة الكهرباء العراقية اتفاقية مع هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي لبناء شبكتين اتصال لنقل الطاقة الكهربائية بقدرة 500 ميجاوات، وتم توقيع الاتفاقية من قبل لؤي الخطيب وزير الكهرباء العراقي وأحمد إبراهيم رئيس الهيئة المذكورة. وفقًا لهذه الاتفاقيات، ستتحمل هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي تكلفة بناء هاتين الشبكتين بطول 300 كيلومتر، منها 80 كيلومترًا داخل العراق و220 كيلومترًا في الكويت. في المرحلة الأولى، سيتم إدخال 500 ميجاوات من الطاقة الكهربائية إلى شبكة الكهرباء العراقية قبل عام 2022 بعد بناء شبكتي الاتصال.وأضاف وزير الطاقة العراقي في إعلانه للخبر: يتفاوض العراق أيضًا مع المملكة العربية السعودية والأردن وتركيا لتلبية احتياجاته المتبقية من الكهرباء. يعتقد العديد من الخبراء أن كل هذه الجهود تهدف إلى إنهاء اعتماد العراق على الكهرباء الإيرانية.

الاستنتاجات
يبدو أن توسيع التعاون بين العراق ومجلس التعاون الخليجي يتم متابعته فقط في الأبعاد الاقتصادية، ويبدو أن بغداد بحاجة ماسة إلى الإمكانات الاقتصادية للمجلس لإعادة بناء اقتصادها وبنيتها التحتية. ومع ذلك، تسعى المملكة العربية السعودية والإمارات إلى إلزام العراق بالالتزامات الأمنية للمجلس، ويمكن القول إن هناك هدفين وراء هذه الخطة: أولاً: من خلال هذه الطريقة، سينقذون المجلس من الموت بسبب الخلافات الداخلية، ومع دخول العراق، سيجدون بديلاً لقطر التي تعترض على سياسات المجلس وطريقة صنع القرار فيه، بالإضافة إلى إحياء الوظائف الأمنية للمجلس. في الواقع، يمكن للعراق أن يملأ الفجوات الموجودة في المجلس للمملكة العربية السعودية والإمارات. ثانيًا، سيوفر دخول العراق في الترتيبات الأمنية لمجلس التعاون الخليجي الأرضية لابتعاد بغداد عن طهران وسيقلل من اعتماد العراق الأمني والاقتصادي على إيران.

اسکن کنید

بدون تعلیق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *