الحرب الناعمة الأمريكية في العراق

الحرب الناعمة؛ التعريف والأهداف والأساليب

مصطلح الحرب الناعمة مقابل الحرب الصلبة (Hard War) في الحقيقة يشمل؛ أي إجراء نفسي ودعاية إعلامية تستهدف المجتمع الهدف أو المجموعة الهدف وتجعله يتخذ موقفاً سلبياً أو يهزمه دون صراع عسكري وفتح النار. لذلك، الحرب النفسية، الحرب السيبرانية، والحرب الإعلامية هي من أشكال الحرب الناعمة التي تهدف إلى رسم الصور والسيطرة على العقول والقلوب والإطاحة الناعمة، وبعد فترة الحرب الباردة، أصبحت في صميم الاستراتيجيات الأمنية للقوى الكبرى. منذ الهجوم العسكري الأمريكي على العراق في عام 2003 حتى الآن، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية التدخل الناعم لفرض إرادتها السياسية على الشعب والحكومة العراقية. هذا الأمر، يظهر استراتيجياً واسعاً للسيطرة على سياسات بغداد بناءً على المطالب الطموحة الأمريكية في هذا البلد والمنطقة.

أهداف الحرب النفسية الأمريكية ضد العراق

  1. إدارة سلوك إيران
  • كبح نفوذ إيران: العراق بعد سقوط صدام يُعتبر قاعدة نفوذ إقليمية لإيران في الشرق الأوسط ويلعب دوراً محورياً في شبكة الردع الإقليمية الإيرانية.
  • إضعاف الجماعات المدعومة من إيران: أمريكا من خلال فرض العقوبات الاقتصادية والقيود السياسية والإجراءات العسكرية ضد الجماعات الشيعية العراقية مثل؛ منظمة بدر والحشد الشعبي، تحاول إضعاف محور المقاومة.
  1. ترويج القيم الثقافية الغربية
  • الأندلسية للمجتمع العراقي: أمريكا من خلال دعم المنظمات الحقوقية والأنشطة المدنية، تسعى إلى ترسيخ قيم مثل؛ حقوق المثليين والمثليات والحرية الجنسية في العراق
  • إضعاف القيم الإسلامية ثقافياً وسياسياً: أمريكا من خلال وسائل الإعلام، المنظمات غير الحكومية والبرامج التعليمية، تسعى إلى ترويج آرائها ومواجهة القيم الدينية السامية في العراق. الهدف الأساسي في هذا الإطار هو تغيير نمط حياة الشعب العراقي.
  1. السيطرة على الموارد الاقتصادية للعراق
  • تأمين أمن الوصول إلى الموارد: العراق يمتلك احتياطيات نفطية ضخمة وأمريكا من خلال الحرب الناعمة تسعى لتأمين الوصول إلى حقول النفط العراقية. وفقاً لعقد قسري يجب أن يتم إيداع جميع الموارد الناتجة عن تصدير النفط العراقي في البنوك الأمريكية وتصرف تحت إشراف أمريكا
  • السيطرة على السوق العراقية: أمريكا من خلال إضعاف القطاع الحكومي في العراق وتوسيع القطاع الخاص، تسعى للسيطرة على سوق هذا البلد.
  1. توسيع النفوذ الثقافي
  • ترويج نمط الحياة الأمريكية: أمريكا من خلال وسائل الإعلام والموسيقى والأفلام والبرامج التعليمية، تسعى لترويج نمط الحياة الغربية في العراق
  • إضعاف الهوية العربية والإسلامية: أمريكا من خلال ترويج قيم الفردية، العلمانية والاستهلاكية، تسعى لإضعاف الهوية العربية والإسلامية للشعب العراقي.
  1. خلق انقسامات بين الجماعات الدينية والعرقية
  • تعزيز الجماعات الأقلية: أمريكا دعمت الجماعات الأقلية العرقية والدينية مثل الأكراد والمسيحيين لزيادة نفوذهم في الهيكل السياسي للعراق
  • تأجيج التوترات الطائفية: أمريكا من خلال وسائل الإعلام والأنشطة السياسية، تسعى لتأجيج التوترات بين الشيعة والسنة في العراق.
  1. تبرير الوجود العسكري
  • خلق صورة للعراق كدولة غير آمنة: أمريكا من خلال وسائل الإعلام، تصور العنف والاضطرابات الداخلية في العراق لجعل وجودها العسكري في هذا البلد شرعياً
  • منع الانتقاد للاحتلال: أمريكا من خلال قمع المعارضين والمنتقدين لوجودها العسكري، تسعى لمنع أي انتقاد في الداخل والخارج للعراق.

هذه الأهداف في المجمل تظهر الجهود المنسقة والمنظمة التي كانت تقوم بها أمريكا لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة وخصوصاً في العراق.

هياكل الحرب الناعمة الأمريكية في العراق:

الحرب الناعمة الأمريكية ضد العراق تعتمد على عدة شبكات هيكلية متداخلة يمكن تلخيصها في خمس نقاط رئيسية

أولاً: الهيكل الاستراتيجي: يشمل القدرة على التخطيط وميزة وفرة المعلومات. في هذا المجال، تمتلك أمريكا كميات كبيرة من المعلومات السرية والدقيقة خلال سنوات وجودها العسكري في العراق.

ثانياً: الهيكل الدعائي: يتضمن هذا الأسلوب امتلاك أكبر المؤسسات الدعائية ووسائل الإعلام الجماهيرية في العالم بجميع أنواعها وأشكالها للاستفادة منها عند الحاجة.

ثالثاً: الهيكل السياسي: في هذا الأسلوب تمتلك الدولة عدداً كبيراً من الحلفاء والمنظمات الدولية الموالية لها وحتى بعض التيارات السياسية العميلة داخل البلد الهدف. بالإضافة إلى امتلاك أمريكا لهذا الميزة، فإنها تمتلك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن وهي عضو دائم في هذا المجلس ولديها سيطرة على الأمم المتحدة.

رابعاً: الهياكل الاقتصادية: تستخدم أمريكا قوتها الاقتصادية الفائقة كأداة لتنفيذ سياساتها التدخلية والسيطرة على دول المنطقة.

خامساً: الهياكل العسكرية: أمريكا بامتلاكها لأكبر جيش في العالم وعدد كبير من المؤسسات الأمنية الخاصة، تسعى للحفاظ على التوازنات الدولية الحالية في الأبعاد العسكرية وتحاول إزاحة معارضيها في محور الردع الإقليمي والدولي من الطريق (تسنيم، 1394).

أساليب الحرب الناعمة الأمريكية ضد العراق

أولاً: نشر الشائعات

بدأ التدخل العسكري الأمريكي في العراق بنشر شائعة واسعة النطاق. قبل الهجوم على العراق في زمن نظام صدام حسين، نشرت أمريكا هذه الشائعة بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل وقنابل نووية وأنه يشكل تهديداً رئيسياً لأمن الخليج الفارسي. وحتى الآن، تواصل وسائل الإعلام الأمريكية في المنطقة، خاصة قناة الحرة، القصف الإخباري وبث الدعاية في سياق تحريف الحقيقة وتضليل جمهورها.

 ثانياً: خلق اليأس لدى الشعب العراقي

أحد الأهداف الأساسية والمحورية للاستكبار العالمي في العراق هو خلق شعور بالإحباط والهزيمة بين أفراد المجتمع العراقي وخصوصاً الشباب العراقيين. انعدام الثقة في السياسيين العراقيين، واليأس من الوضع الأمني والاقتصادي للبلاد وخلق شعور بالتحقير والقمع، يعزز استمرار الوجود الأمريكي ودورها في العراق.

ثالثاً: تحفيز الفجوات الهوياتية والعرقية

إضعاف العراق وإشغاله بمسائل الأمن الداخلي، مثل؛ الدعم الإعلامي والإعلاني لاستقلال كردستان العراق، تضخيم القوة والأدوات التكنولوجية والإعلامية الغربية المتاحة لتنظيم داعش وغيرها من الأمثلة والنماذج على هذا الأمر.

اسکن کنید

بدون تعلیق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *