التحدي المتعلق برئاسة البرلمان في العراق: آخر المستجدات والتطورات

المولف: أسد أميري كيان

المقدمة
مرّ نحو عام على إقالة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي السابق، لكن الخلافات بين التيارات السنية لا تزال تعيق التوصل إلى اتفاق لاختيار رئيس جديد للبرلمان، الذي يُعدّ وفق العرف السياسي في البلاد من نصيب المكون السني. بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية العراقية قرارًا بطرد محمد الحلبوسي من البرلمان بتهمة التزوير وتزييف التوقيعات، عُقدت عدة جلسات لانتخاب رئيس جديد للبرلمان، لكنها جميعها باءت بالفشل، مما أدى إلى حالة من المأزق. وبينما تستمر الخلافات الداخلية بين الأطراف السنية حول المرشح النهائي لرئاسة البرلمان، يسعى الإطار التنسيقي الشيعي والحزب الديمقراطي الكردستاني إلى تحقيق توافق بين الفصائل السنية، إلا أن جهودهم لم تثمر حتى الآن.

بشكل عام، يمكن القول إن السبب الرئيسي للفشل السياسي في اختيار رئيس البرلمان يعود إلى عدم قدرة التيارات السنية على التوصل إلى توافق بشأن مرشح موحد من جهة، وعجز المرشحين الحاليين عن جمع نصف زائد واحد من الأصوات (166 صوتاً) من جهة أخرى.

تحدي انتخاب رئاسة البرلمان في العراق

العملية السياسية المتعلقة بتحديد رئاسة البرلمان في العراق كانت على النحو التالي: في الجولة الأولى من الانتخابات، حصل شعلان الكريم، مرشح حزب تقدم، على 152 صوتاً، مما استلزم إجراء انتخابات جديدة لعدم تحقيق النصاب المطلوب. في الجولة الثانية من التصويت، التي جرت بغياب المرشح الأول للجولة السابقة، انسحب مرشح حزب تقدم من المنافسة على مقعد رئاسة البرلمان تحت الضغط ولتجنب الجمود السياسي، مما سمح لسالم العيساوي ومحمود المشهداني بمواصلة المنافسة. في هذه الجولة، حصل سالم العيساوي على 158 صوتاً بينما نال محمود المشهداني 137 صوتاً، ومع ذلك لم يتمكن أي من المرشحين من الحصول على النصاب المطلوب لرئاسة البرلمان.

أسفر هذا الفشل عن تبادل الاتهامات بين الكتل الشيعية والسنية بعدم القدرة على التوصل إلى مرشح توافقي. في الجلسة الأخيرة التي انعقدت لانتخاب رئيس البرلمان العراقي، وقع اشتباك بين عدد من النواب. ونتيجة لذلك، وضع محسن المندلاوي، نائب رئيس البرلمان والرئيس الحالي بالوكالة، شرطًا أمام الأحزاب السنية يقضي بعدم السماح بعقد جلسة لانتخاب رئيس البرلمان إلا إذا توصلت هذه الأحزاب إلى إجماع حول مرشح واحد.

استمرت هذه الأوضاع حتى زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي مسعود بارزاني، إلى بغداد، والتي لم تحل الخلافات المتعلقة بتعيين رئيس جديد للبرلمان. وفي آخر التطورات، انتهت الخلافات بين التيارات السنية بشأن منصب رئاسة البرلمان بعقد اجتماع مشترك، لكنه لم يسفر عن نتائج ملموسة. بعد ذلك، عقد الإطار التنسيقي جلسة تحت عنوان “الإسراع في تحديد رئاسة البرلمان”، مما ساهم في تسريع العملية الانتخابية. بعد ذلك، أعلن قيس الخزعلي، الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق العراقية، في مقابلة تلفزيونية، دعمه العلني لمحمد الحلبوسي، مما يشير إلى رغبته في تجاوز الخلافات السياسية مع الرئيس السابق للبرلمان العراقي.

إضافة إلى ذلك، أعرب نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، عن دعمه لمحمد الحلبوسي، وهو ما يأتي في ظل معارضة كل من قيس الخزعلي ونوري المالكي للحلبوسي سابقاً، حيث بلغت معارضتهما حد اتهام وسائل الإعلام لهما بالمشاركة في إصدار قرار قضائي يقضي بإقالة الحلبوسي من عضوية البرلمان. في هذه الأثناء، اعتبر ائتلاف سيادة وعزم أن التطورات الأخيرة تعرقل مسارهم السياسي، وأعلنوا دعمهم لمحمود المشهداني، المرشح المدعوم من نوري المالكي، قيس الخزعلي، ومحمد الحلبوسي، لتولي رئاسة البرلمان العراقي.

الخاتمة
في ضوء هذه التطورات الجديدة، يبدو أن هناك تقدمًا ملموسًا نحو إنهاء التحدي المتعلق باختيار رئيس البرلمان بين التيارات السنية وبقية القوى السياسية في العراق. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا التحدي سيُحلّ بالكامل في نهاية المطاف. في الانتخابات السابقة، لم تتمكن المنافسة بين العيساوي والمشهداني من تحديد الفائز، ولم ينجح أي منهما في الحصول على الأغلبية. ومع ذلك، يبدو أن التقدم الأخير بشأن التوافق على شخصية المشهداني قد يقرب هذه الأزمة السياسية إلى نهايتها. مع ذلك، يبقى انتظار موعد جلسة البرلمان لاختيار الرئيس هو الحاسم في هذا الشأن.

اسکن کنید

بدون تعلیق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *