جبهة المقاومة في مواجهة الجبهة الأمريكية – الصهيونية

المولف: أسد أميري كيان

مقدمة
بعد مرور عدة أشهر على بداية عملية طوفان الأقصى والهجمات الوحشية للكيان الصهيوني على سكان غزة، لم تقتصر جماعات المقاومة على مواصلة الهجمات ضد مواقع الجبهة الصهيونية رغم الضغوط السياسية والعسكرية من أمريكا وحلفائها، بل أظهرت مع مرور الوقت قدرات أكبر. وحدة الهجمات لجماعات المقاومة دعماً للمقاومة الفلسطينية لعبت دوراً حاسماً في معادلات اليوم وأضافت أبعاداً جديدة إلى النظام الأمني في غرب آسيا. تتابع نوى المقاومة أهدافاً مشتركة على الرغم من استقلالها العملياتي، وهذه المقاربة على المدى الطويل تتجاوز الحرب الحالية في غزة ويمكن أن تؤسس نظاماً أمنياً جديداً في العالم. النتيجة المستخلصة هي أن استمرار نهج المقاومة وتكثيف الهجمات ضد المصالح الصهيونية والأمريكية قد أضافت بُعداً جديداً في نظرة العالم إلى هؤلاء اللاعبين الإقليميين المؤثرين. خاصة أن الاستراتيجيات الأمريكية بعد دخول المقاومة في قضية فلسطين الحيوية أصبحت متأرجحة، مما جعل اتخاذ القرارات للحفاظ على الوضع الأمريكي في المنطقة مليئاً بالتحديات.

الخيار الوحيد: المقاومة الموحدة في جميع الجبهات

تثبت الأعمال الوحشية الأخيرة للصهاينة، خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، مرة أخرى أن التخاذل والسير في طريق غير المقاومة لا يؤدي إلى نتائج. منذ بداية حرب غزة وعملية طوفان الأقصى، ما بقي ثابتاً هو تشكيل جبهة مشتركة من قبل أمريكا والصهاينة لإراقة دماء الناس المظلومين والمقاومة في غزة واليمن والعراق. في مواجهة هذه الجبهة المشتركة، الخيار الوحيد هو الوحدة في النهج والرد المشترك للمقاومة. يمكن لرد جبهة المقاومة أن يغير المعادلات والحسابات الأمريكية إلى درجة تمنعهم من تجاوز الخطوط الحمراء وتضعهم في موقف دفاعي. ومن المحتمل أن يتم تنسيق عمليات مشتركة من عدة محاور بما في ذلك جنوب لبنان وغرب سوريا والعراق واليمن وإيران، حيث تعتبر القواعد العسكرية والشرايين الاقتصادية في تل أبيب وحيفا أهدافاً مشروعة. بالطبع، الضعف الجغرافي للكيان الصهيوني الغاصب يجعل من السهل على جبهة المقاومة استهداف جميع المناطق المحتلة إذا أرادت.

ما اتضح منذ بداية طوفان الأقصى هو أن الكيان المحتل لم يحقق أهدافه في الميدان، ورغم استثمار بمليارات الدولارات، غرق في المستنقع واختار مغامرات جديدة للخروج من الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة. يجد الصهاينة أنفسهم على حافة الهاوية، ويحاولون الهروب من الوضع الحالي من خلال خيار الاغتيالات وفتح محاور جديدة للحرب في المنطقة وتجاوز جميع الخطوط الحمراء لاستعادة الهيبة المفقودة في الأراضي المحتلة وإجبار جبهة المقاومة على التراجع عن دعم غزة، لكن هذه الاستراتيجية محكوم عليها بالفشل الذريع.

ما حدث في الأيام القليلة الماضية يشبه سيناريو مشترك بين الكيان المحتل وأمريكا. بعد يوم واحد من أحداث مجدل شمس، تكشفت تفاصيل من وراء الكواليس تبين أن الصهاينة والأمريكيين من خلال تنفيذ مشروع جرح النفس في الجولان المحتل (جزء من خطة بدء الحرب بالأزمات) يحاولون فتح الطريق لمواجهة جديدة في المنطقة. كانت جرح النفس في الجولان والمظلومية الصهيونية بداية لهجوم ومغامرة مشتركة بين الصهاينة والأمريكيين لتحقيق عدة أهداف. في مساء الثلاثاء التاسع من مرداد، تجاوز الكيان الصهيوني الخطوط الحمراء لجبهة المقاومة وهاجم منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، مما أسفر عن استشهاد فؤاد شكر أحد قادة حزب الله. بعد ساعات من الهجوم على جنوب بيروت، تدخل الأمريكيون ونفذوا الجزء الثاني من العملية المشتركة مع الصهاينة مستهدفين مقر كتائب حزب الله العراق في شمال محافظة بابل، مما أدى إلى استشهاد أربعة من المقاتلين بينهم أبو الحسن المالكي أحد القادة العراقيين. كانت العملية المشتركة بين الأمريكيين والصهاينة جزءاً من مشروع جرح النفس، وواصلت مرحلتها الثالثة فجر الأربعاء العاشر من مرداد باستهداف رئيس المكتب السياسي لحماس، وهو خطأ قاتل لا يغتفر من واشنطن لأنه سيواجه برد مختلف ورادع من إيران. في الرد على هذا السيناريو الذي نفذه الأمريكيون والصهاينة، يجب على جماعات المقاومة الرد بالتنسيق والتشاور على عدة جبهات وبشكل مكثف.

الاستنتاجات
لا يكتفي الأمريكيون بمساعدة إسرائيل في مواجهة جماعات المقاومة، بل يدخلون في صراع وحرب مباشرة مع أطراف محور المقاومة التي يعتبرونها مجموعات إرهابية. في إطار سياسة استراتيجية شاملة، من منظور الأمريكيين يجب محاربة جماعات المقاومة وإضعافها أو القضاء عليها. على سبيل المثال، أطلق الأمريكيون بروباغندا في معركتهم مع مقاومة اليمن ووصفوهم بالإرهابيين، وهو نفس النهج الذي تتبعه إسرائيل في حربها مع حماس بوصف قوات المقاومة الفلسطينية بالإرهابيين. ما يلفت النظر هو أنه في السياسات الاستراتيجية العامة، لا يوجد خلاف بين الكيان الصهيوني وأمريكا، حيث يتبع الاثنان سياسة واحدة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ولكن أحياناً يوجد اختلاف في التكتيكات والأساليب بين واشنطن وتل أبيب لتحقيق هذه السياسات. ما يبدو بديهياً ومؤكداً هو أن أمريكا والكيان المحتل متفقان على شيء واحد وهو القضاء على المقاومة من جميع أنحاء العالم الإسلامي وتهيئة الأجواء لتحقيق نواياهم الشريرة. الرد على هذه السياسة الأمريكية – الصهيونية لا يمكن إلا من خلال تعزيز ثقافة المقاومة في جميع أنحاء العالم الإسلامي. الخيار الوحيد هو المقاومة وتعزيز ثقافتها.

اسکن کنید

بدون تعلیق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *