المولف: أسد أميري كيان
المقدمة
مع تصاعد التوتر بين الكيان الصهيوني وحزب الله، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستزيد من عدد قواتها العسكرية في المنطقة. وبينما تتصاعد الهجمات بين إسرائيل وحزب الله بشكل ملحوظ، تتزايد المخاوف من احتمال تحول هذا الصراع إلى حرب شاملة. هذا التطور قد يؤدي إلى تعزيز أكبر للحضور العسكري الأمريكي في المنطقة. منذ بداية الصراع وحرب غزة، حافظت الولايات المتحدة على وجودها العسكري في المنطقة، حيث يوجد حوالي 40 ألف جندي أمريكي، على الأقل اثنا عشر سفينة حربية، وأربع أسراب من الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو الأمريكي منتشرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وذلك لحماية حلفائها ولتكون قوة ردع ضد الهجمات الإيرانية ومحور المقاومة.
زيادة الحضور العسكري الأمريكي في المنطقة
أعلنت الولايات المتحدة، في أعقاب الهجمات الأخيرة في لبنان، رسميًا أنها تسعى لمنع تصاعد الصراع وتحوله إلى حرب شاملة، وأفادت بأنها سترسل عددًا محدودًا من القوات العسكرية إلى الشرق الأوسط تحت ذريعة “الحذر والتأمين”. ومع ذلك، يبدو أن الهدف الرئيسي من هذا التعزيز العسكري هو الدفاع عن إسرائيل في حال تعرضها لهجوم شامل. يوجد حوالي 34 ألف جندي أمريكي متمركزين في القيادة المركزية الأمريكية التي تغطي منطقة الشرق الأوسط بالكامل. وازداد هذا العدد إلى حوالي 40 ألف جندي في الأشهر الأولى من حرب إسرائيل وحماس، بالإضافة إلى إرسال المزيد من السفن والطائرات إلى المنطقة.
في الأسابيع الأخيرة، وقبل تصاعد التوتر بين الكيان الصهيوني وحزب الله اللبناني، أمر وزير الدفاع الأمريكي بنشر حاملتي طائرات وسفن حربية في المنطقة، مما رفع عدد الجنود الأمريكيين إلى حوالي 50 ألف جندي. تنتشر السفن الحربية الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة، من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى خليج عمان، بينما تكون الطائرات المقاتلة التابعة لسلاح الجو والبحرية في حالة تأهب لتنفيذ السياسات الأمريكية في المنطقة.
ما قد يزيد من الحضور العسكري الأمريكي في المستقبل القريب هو احتمال أن تقرر مجموعات المقاومة شن هجوم منسق وشامل على الكيان الصهيوني. وفي الوقت نفسه، رغم تمركز المعدات المتقدمة الأمريكية في البحر الأحمر، تمكن اليمن من إجراء اختبار صاروخي ناجح أصاب هدفه في إسرائيل، مما عزز من قدراته الصاروخية. يجادل القادة العسكريون الأمريكيون منذ فترة طويلة بأن وجود حاملة طائرات قوية مجهزة بطائرات مقاتلة وطائرات استطلاع وصواريخ متقدمة يشكل رادعًا قويًا ضد إيران ومحور المقاومة.
في الوقت الحالي، تتوزع القوات الأمريكية في المنطقة على النحو التالي: حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لينكولن وثلاث مدمرات في خليج عمان، بينما توجد مدمرتان أمريكيتان في البحر الأحمر. بالإضافة إلى ذلك، توجد غواصة يو إس إس جورجيا المزودة بصواريخ موجهة. هناك أيضًا ست سفن حربية أمريكية في شرق البحر المتوسط، بما في ذلك سفينة الهجوم البرمائية يو إس إس واسب التي تحمل الوحدة الاستكشافية البحرية السادسة والعشرين وثلاث مدمرات تابعة للبحرية. هذا بينما أفادت وسائل الإعلام الأمريكية بأن نصف الطائرات المقاتلة من طراز F/A-18 التي كانت على متن حاملة الطائرات أبراهام لينكولن قد نُقلت إلى قاعدة برية في المنطقة، لكن السلطات الأمريكية امتنعت عن ذكر موقعها. وفي الشهر الماضي، أرسلت القوات الجوية الأمريكية سربًا إضافيًا من الطائرات المقاتلة المتقدمة F-22، مما رفع العدد الإجمالي لأسراب الطائرات المقاتلة في المنطقة إلى أربعة.
النتائج والتداعيات لتصاعد الحضور العسكري الأمريكي في المنطقة على العراق ومحور المقاومة
يبدو أن تصاعد التوتر بين الكيان الصهيوني وحزب الله يحمل تداعيات كبيرة على المنطقة وتوازن القوى بين الأطراف المتصارعة. فيما يتعلق بالنتائج الإقليمية، يمكن القول إن تصاعد الصراع قد يقضي على احتمالية انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وهو ما كان يُلمّح إليه في الأشهر الأخيرة. في الواقع، طالما أن الكيان الصهيوني منخرط في القتال، لن تسحب الولايات المتحدة قواتها من العراق، مما قد يؤثر على استقرار وأمن العراق الداخلي.
أما بالنسبة لتوازن القوى بين الأطراف المتصارعة، فإن وجود الولايات المتحدة بهذا المستوى، وزيادة عدد قواتها في المستقبل القريب، قد يهيئ للكيان الصهيوني الظروف للاستفادة من القوة الرادعة الأمريكية في مواجهة التهديدات الخارجية. وبالتالي، في حال شن إسرائيل هجومًا على لبنان، ستوجه جميع جهودها نحو هذا الصراع، لأن الوجود الأمريكي في جميع أنحاء المنطقة سيعمل على السيطرة على بقية قوى المقاومة.
الولايات المتحدة، من جهة، لحماية الكيان الصهيوني والمساعدة في بقائه، تسيطر على القدرات الهجومية لمحور المقاومة، وخاصة في العراق، عبر قواعدها العسكرية هناك. وفي حال شنت إيران هجومًا مباشرًا على إسرائيل، يمكن للولايات المتحدة أن تعمل كقوة ردع من خلال قواعدها في سوريا والعراق لصالح الكيان الصهيوني. ومن جهة أخرى، بينما تنشط الولايات المتحدة في العراق وسوريا، قد تقوم بتشكيل تحالف من دول المنطقة والدول الغربية مثل فرنسا وبريطانيا لدعم الكيان الصهيوني، في حال تهديده بهجوم صاروخي شامل مثل عملية “الوعد الصادق”.
بدون تعلیق