غرب آسيا بعد اغتيال إسماعيل هنية

المؤلف: مسعود كيا

المقدمة

اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس في طهران، يُعَدّ تحوّلًا أدخل الساحة السياسية والأمنية في الشرق الأوسط في مرحلة جديدة من الأزمة والتوتر. جريمة الكيان الصهيوني باغتيال إسماعيل هنية في طهران والشهيد فؤاد شكر، أعلى رتبة عسكرية في حزب الله في لبنان، قد غيّرت بشكل جذري المعادلة الأمنية والوضع السياسي المستقبلي للمنطقة. إسرائيل، التي بعد عشرة أشهر من الحرب القاسية والمرهقة في قطاع غزة، ترى نفسها في أعين الرأي العام العالمي كخاسرٍ ومكروهٍ أكثر من أي وقت مضى، قد تجاوزت جميع الخطوط الحمراء بقرار غير عقلاني، والآن أيضًا فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة لا يملكان خطًا أحمر في معاقبة هذا الكيان ولن يرحما إسرائيل.

لماذا مغامرة نتنياهو؟

نتنياهو، بعد رحلته الأخيرة إلى واشنطن وتنحي بايدن عن الانتخابات الرئاسية، لم يعد يولي أي أهمية لأي شخص، حتى للحكومة الأمريكية، ومن الآن حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من نوفمبر المقبل، يتصرف كما يشاء. أدرك نتنياهو أن انسحاب بايدن من السباق الانتخابي قلب التوازن في واشنطن وفتح الطريق لتحقيق أهدافه؛ لذلك قرر تثبيت موقفه كزعيم لإسرائيل داخل البلاد ورسم خارطة طريق للرئيس الأمريكي القادم أو بعبارة أخرى فرضها، بحيث تكون مبنية على رغباته وأهدافه. ونتيجة لذلك، إذا فازت كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية القادمة، ستجد نفسها في وضع لا بد لها من قبوله. وإذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن نتنياهو لديه خطة عملية جاهزة لتنفيذها. من الواضح أن نتنياهو تعلم الكثير من طريقة تفكير ترامب، وخاصة اغتيال الشهيد قاسم سليماني، واتبع سياسته في اغتيال شخصيات غير متوقعة كان يعتبرها خطوطًا حمراء. وقد تم اغتيال إسماعيل هنية في طهران في هذا السياق. وعلى الرغم من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو الجماعات المسلحة التابعة لها سترد على اغتيال إسماعيل هنية، فإن نتنياهو لا يولي أهمية لهذا الأمر، خاصةً أن الوضع في المنطقة يسير نحو ما يفيد نتنياهو، ومع أن الهدف الرئيسي لنتنياهو الآن هو ضرب جناح محور المقاومة، فإن تصعيد التوتر في المنطقة هو تحول يراه نتنياهو في صالحه ويسعى إليه بجدية (نقلًا عن الشرق الأوسط).

من ناحية أخرى، يرى نتنياهو أن حياته السياسية وحياة حزبه تعتمد على استمرار التوتر والصراع في المنطقة. لقد تسبب حزب الليكود في أداء كارثي على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي مما أدى إلى تظاهرات وتمرد في قلب الأراضي المحتلة. بعبارة أخرى، يسعى نتنياهو، من خلال إشعال التطرف واستمرار التوتر والصراع حتى حدود بدء حرب شاملة في المنطقة ورفض أي مقترحات سلام مع الطرف الفلسطيني، إلى استمرار حياته السياسية. في هذا الصدد، قال تريتا بارسي، نائب المدير التنفيذي لمعهد كوينسي، بعد استشهاد إسماعيل هنية: “نتنياهو بقتل هنية، دمر بشكل منهجي مفاوضات الهدنة في غزة؛ لأن إنهاء الحرب ربما ينهي حياته السياسية”. الجنون الذي لا حدود له لقادة الكيان الصهيوني، حتى دمر القدرة على الحساب لهذا الكيان، مما أدى إلى تكرار وقاحته تجاه الشعوب والحكومات في المنطقة.

ظل الانتقام الإيراني يخيم على الكيان الصهيوني

حاليًا، محور المقاومة في جميع أنحاء المنطقة في حالة تأهب قصوى. الجمهورية الإسلامية الإيرانية، جنبًا إلى جنب مع أذرعها العملياتية في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، تستعد لتوجيه ضربة قاسية على حماقة الكيان الصهيوني في طهران. في هذا الصدد، ذكر الجنرال غادي آيزنكوت، الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، أن نتنياهو أضر بأهم عنصر في الأمن القومي ووضعنا في موقف يجب أن ننتظر فيه رداً شديداً من إيران؛ هو يسير في خدمة استراتيجية إيران طويلة الأمد لتدمير وانهيار إسرائيل. حالة الرعب في إسرائيل أصبحت لا تطاق، وصحيفة إسرائيل هيوم ذكرت أن حالة الرعب وهذه الحرب النفسية التي شنتها إيران ضد إسرائيل منذ عدة أيام قد ألحقت أضرارًا كبيرة بالجبهة الداخلية وكذلك بالاقتصاد الإسرائيلي. خوف الانتقام الإيراني يؤثر على المعادلات الإقليمية والعالمية. الأسواق الرئيسية للأسهم في أوروبا وأمريكا الشمالية ومنطقة الخليج الفارسي هبطت يوم الاثنين متبعةً نظيراتها الآسيوية. من هنا، القوى الإقليمية والدولية تتابع بقلق التطورات في المنطقة وتسعى من خلال الآليات السياسية والدبلوماسية إلى إدارة الأزمة ومنع بدء حرب شاملة في غرب آسيا.

مستقبل غرب آسيا

غرب آسيا، باعتبارها المنطقة الأكثر أزمات والأكثر صراعًا جيوسياسيًا في العالم، لطالما لعبت دورًا أساسيًا ومحوريًا في استراتيجيات الأمن القومي للقوى الكبرى. خلال المائة عام الماضية، لم تؤثر أي منطقة من العالم على العلاقات السياسية والأمنية العالمية مثل غرب آسيا. الكيان الصهيوني، من خلال الاغتيالات والحروب بناءً على عقيدة بن غوريون، يسعى إلى تعميق الأزمة في المنطقة. اغتيال الشهيد هنية والرد الحتمي من محور المقاومة على هذه الجريمة وعواقبها المحتملة، يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من الأزمات الأمنية اللاحقة التي قد تتصاعد وتتشدد وتعميق الأزمة في المنطقة والعالم، مما يؤثر بجدية على النظام والاستقرار الدولي. الكيان الصهيوني يواجه حاليًا أشد الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية في حياته، ويسعى من خلال الاغتيالات والقتل إلى شراء الوقت لإعادة تأهيل وبناء نفسه. يمكن أن يكون الخطأ في حسابات الكيان بشأن صبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية الاستراتيجي بداية لنهاية حياة هذا الكيان البغيضة ويبشر بالسلام والاستقرار الدائم في المنطقة.

اسکن کنید

بدون تعلیق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *